أعلنت هيئة تنظيم الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC) أن العملات المستقرة، والممثلات الرقمية المغلّفة، والأوراق المالية الممثلة رقمياً، ومحافظ الأصول الرقمية تُعدّ منتجات مالية بموجب القانون الحالي، ما يُلزم مقدّمي الخدمات بالحصول على تراخيص رسمية، مع منحهم فترة انتقالية مدتها ثمانية أشهر لتسوية أوضاعهم القانونية.
وفي هذا السياق، أصدرت الهيئة يوم الأربعاء توجيهات محدثة تضمنت موقفًا رسميًا بعدم اتخاذ إجراءات عقابية فورية على مستوى القطاع حتى 30 يونيو 2026، في خطوة تهدف إلى تمهيد الطريق أمام انتقال منظم وسلس إلى النظام الجديد.
قال آلان كيركلاند، مفوض الهيئة، إن “تقنية دفتر الأستاذ الموزع والتمثيل الرقمي تُعيدان تشكيل النظام المالي العالمي”، مشيرًا إلى أن هذه التوجيهات “تمنح الشركات وضوحًا تنظيميًا يُمكّنها من الابتكار بثقة في السوق الأسترالية”.
وفي إطار هذه الجهود، أصدرت الهيئة قرارًا مبدئيًا بإعفاء موزّعي بعض العملات المستقرة والممثلات الرقمية المغلّفة، داعيةً الأطراف المعنية إلى تقديم ملاحظاتهم على مسودات أدوات الإعفاء حتى 12 نوفمبر المقبل.
توضح ورقة المعلومات المحدثة رقم 225 أن العديد من الأصول الرقمية المتداولة على نطاق واسع تُعدّ منتجات مالية بموجب القوانين الحالية، وستظل كذلك حتى بعد تطبيق الإصلاحات الحكومية المقترحة. وبناءً عليه، سيتعيّن على مقدمي الخدمات الذين يتعاملون بهذه الأصول الحصول على تراخيص الخدمات المالية الأسترالية لضمان حماية المستهلكين قانونيًا وتمكين الهيئة من التدخل عند حدوث ممارسات ضارة.
ورغم التسهيلات المؤقتة، شددت ASIC على أنها ستواصل متابعة السلوكيات الجسيمة التي تُسبب ضررًا كبيرًا للمستهلكين أو تنطوي على سوء سلوك منهجي، مع الأخذ في الاعتبار الموقف الحالي بعدم اتخاذ إجراء عند تقييم المخالفات السابقة.
وفي إطار تطوير البيئة التنظيمية، اقترحت الهيئة توسيع نطاق هياكل الحسابات الشاملة للأصول الرقمية بشروط محددة، إلى جانب تعديل معايير الحفظ الحالية لاستيعاب الحيازات القائمة على تقنية البلوكشين.
ويستند هذا التوجه إلى التسهيلات العملية التي قدّمتها الهيئة في وقت سابق من هذا العام، دعمًا لمشروع “أكاسيا” التابع لبنك الاحتياطي الأسترالي، وهو مشروع بحثي يستكشف أسواق الأصول الرمزية بالجملة.
ويأتي هذا التحديث التنظيمي في إطار الإصلاحات الحكومية الأوسع التي تقودها أستراليا لتنظيم سوق الأصول الرقمية. ففي سبتمبر، أصدرت الحكومة مشروع قانون جديد يفرض عقوبات تصل إلى 10% من إجمالي المبيعات السنوية على المنصات التي تنتهك القواعد، مع إلزام جميع البورصات بالحصول على تراخيص الخدمات المالية الأسترالية.
وتواجه الشركات المخالفة غرامات تصل إلى 16.5 مليون دولار أسترالي أو ثلاثة أضعاف الأرباح الناتجة عن السلوك المضلل أو العقود غير العادلة، بحسب ما ورد في مشروع القانون الذي انتهت فترة التشاور حوله في 24 أكتوبر. وتُعدّ هذه الخطوة من أبرز محطات إصلاح القطاع الذي يضم شركات كبرى مثل Coinbase وKraken.
ولم تغفل الهيئة عن المنصات الصغيرة، إذ نصّ مشروع القانون على إعفاء الكيانات التي تقل قيمة كل حساب فيها عن 5000 دولار أسترالي وتُعالج معاملات سنوية تقل عن 10 ملايين دولار من متطلبات الترخيص الكاملة، بهدف عدم إعاقة الابتكار الناشئ في السوق.
وأكد مسؤولو وزارة الخزانة أن النظام الجديد سيخضع الأصول الرقمية ومنصات الحفظ الرمزية لقانون الشركات، مما يعزز حماية المستهلك ويُضفي شفافية وتنظيمًا رسميًا على هذا القطاع المتنامي.
وتُظهر هذه الجهود التنظيمية سعي الحكومة لتحقيق توازن دقيق بين حماية المستثمرين ودعم الابتكار في سوقٍ وصل فيه معدل تبنّي العملات الرقمية في أستراليا إلى 31% في عام 2025، ارتفاعًا من 28% في عام 2024، بحسب تقرير شركة a16z حول حالة العملات الرقمية لعام 2025.
وفي إطار التيسير على القطاع، منحت الهيئة في سبتمبر إعفاءات جمركية للوسطاء الذين يوزّعون العملات المستقرة الصادرة عن جهات مرخصة، ما يعفيهم من الحاجة إلى تراخيص إضافية للسوق والمقاصة والتسوية حتى يونيو 2028.
وأصبحت شركة Catena Digital Pty Ltd أول جهة إصدار مؤهلة لعملتها المستقرة AUDM، في حين تخطط الهيئة لتوسيع نطاق الإعفاء ليشمل مزيدًا من الجهات الموثوقة، استجابةً لمخاوف القطاع بشأن الجدوى التجارية في ظل الأنظمة الحالية.
يُشار إلى أن هذا الإعفاء المؤقت جاء تلبيةً لمطالب الشركات التي حذّرت من أن توزيع العملات المستقرة يواجه تحديات كبيرة دون تعديل في متطلبات الترخيص، مما يجعل الإعفاء خطوة أساسية لضمان استمرارية العمليات التجارية.
وفي المقابل، شددت ASIC على ضرورة التزام الموزّعين بتقديم بيانات إفصاح شفافة لعملاء التجزئة، كشرط أساسي للاستفادة من الإعفاءات، وذلك لضمان حماية المستهلكين وتقليل الحواجز التشغيلية دون التفريط في المعايير القانونية.



